الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
004 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ورد في الحديث صيام العشر من ذي الحجة وبعض الناس يقول: لا تصام. فما قولكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: صيام العشر من ذي الحجة من الأعمال الصالحة ولا شك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر" قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"، فيكون الصيام داخلاً في عموم هذا الحديث، على أنه ورد حديث في السنن حسَّنه بعضهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذه العشر، يعني ماعدا يوم العيد، وقد أخذ به الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ والصحيح أن صيامها سنة. * * * 104 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم عشر ذي الحجة فما الجواب عن ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: الحديث المشار إليه في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر قط" وفي رواية: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم العشر". والجواب: أن هذا إخبار من عائشة ـ رضي الله عنها ـ عما علمت، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم مقدم على شيء لم يعلمه الراوي، وقد رجح الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذه العشر فإن ثبت هذا الحديث فلا إشكال، وإن لم يثبت فإن صيامها داخل في عموم الأعمال الصالحة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر"والصوم من العمل الصالح. * * * 204 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: من كان يعتاد صيام عشر ذي الحجة فأراد أن يحج فهل يصومهن؟ فأجاب فضيلته بقوله: صيام عشر ذي الحجة ليس بفرض، فإن شاء الإنسان صامها، وإن شاء لم يصمها، سواء سافر إلى الحج أم بقي في بلده، لأن كل صوم يكون تطوعاً فالإنسان فيه مخير، وعلى هذا فإذا كان في بلده وأحب أن يصوم فليصم، فإذا سافر ورأى المشقة في الصوم فلا يصوم؛ لأنه لا ينبغي لمن شق عليه الصوم في السفر أن يصوم لا فرضاً ولا نفلاً، ولكن في عرفة لا يصوم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مفطراً في يوم عرفة، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم عرفة بعرفة. * * * 304 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: امرأة كبيرة في السن تصوم العشر الأول من ذي الحجة دائماً في كل سنة إلا هذه السنة، تقول: ما أنا بصائمة إلا ثلاثة أيام أو أربعة أيام فهل عليها إثم؟ فأجاب فضيلته بقوله: المرأة التي كانت تعتاد أن تصوم العشر الأول من شهر ذي الحجة وهذه السنة كان فيها ما يمنع من مرض، أو تعب، أو كبر في السن أو ما أشبه ذلك. نقول: إن النوافل لا تلزم الإنسان حتى وإن كان صحيحاً فلو كان من عادة الإنسان أن يصوم البيض ـ مثلاً ـ ولكن لم يتمكن هذا الشهر أو كسل عنها فلا حرج عليه أن يدعها لأنها نافلة، لكن إن ترك الإنسان هذه النافلة للعذر كُتب له أجرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ". * * * 404 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم صيام يوم عرفة لغير الحاج والحاج؟ فأجاب فضيلته بقوله: صيام يوم عرفة لغير الحاج سنة مؤكدة، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" وفي رواية: "يكفر السنة الماضية والباقية". وأما الحاج فإنه لا يسن له صوم يوم عرفة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً يوم عرفة في حجة الوداع، ففي صحيح البخاري عن ميمونة ـ رضي الله عنها ـ أن الناس شكوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فأرسلت إليه بحلاب وهو واقف في الموقف فشرب منه والناس ينظرون. * * * 504 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا اختلف يوم عرفة نتيجة لاختلاف المناطق المختلفة في مطالع الهلال فهل نصوم تبع رؤية البلد التي نحن فيها أم نصوم تبع رؤية الحرمين؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا يبنى على اختلاف أهل العلم: هل الهلال واحدفي الدنيا كلها أم هو يختلف باختلاف المطالع؟ والصواب أنه يختلف باختلاف المطالع، فمثلاً إذا كان الهلال قد رؤي بمكة، وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع، ورؤي في بلد آخر قبل مكة بيوم وكان يوم عرفة عندهم اليوم العاشر فإنه لا يجوز لهم أن يصوموا هذا اليوم لأنه يوم عيد، وكذلك لو قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة وكان اليوم التاسع في مكة هو الثامن عندهم، فإنهم يصومون يوم التاسع عندهم الموافق ليوم العاشر في مكة، هذا هو القول الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا" وهؤلاء الذين لم يُر في جهتهم لم يكونوا يرونه، وكما أن الناس بالإجماع يعتبرون طلوع الفجر وغروب الشمس في كل منطقة بحسبها، فكذلك التوقيت الشهري يكون كالتوقيت اليومي. * * * 604 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا اجتمع قضاء واجب ومستحب وافق وقت مستحب فهل يجوز للإنسان أن يفعل المستحب ويجعل قضاء الواجب فيما بعد أو يبدأ بالواجب أو لا مثال: يوم عاشوراء وافق قضاء من رمضان؟ فأجاب فضيلته بقوله: بالنسبة للصيام الفريضة والنافلة لا شك أنه من المشروع والمعقول أن يبدأ بالفريضة قبل النافلة، لأن الفريضة دين واجب عليه، والنافلة تطوع إن تيسرت وإلا فلا حرج، وعلى هذا فنقول لمن عليه قضاء من رمضان: اقض ما عليك قبل أن تتطوع، فإن تطوع قبل أن يقضي ما عليه فالصحيح أن صيامه التطوع صحيح مادام في الوقت سعة، لأن قضاء رمضان يمتد إلى أن يكون بين الرجل وبين رمضان الثاني مقدار ما عليه، فمادام الأمر موسعاً فالنفل جائز، كصلاة الفريضة مثلاً إذا صلى الإنسان تطوعاً قبل الفريضة مع سعة الوقت كان جائزاً، فمن صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان، أما صيام ستة أيام من شوال فإنها مرتبطة برمضان ولا تكون إلا بعد قضائه، فلو صامها قبل القضاء لم يحصل على أجرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر" ومعلوم أن من عليه قضاء فإنه لا يعد صائماً رمضان حتى يكمل القضاء، وهذه مسألة يظن بعض الناس أنه إذا خاف خروج شوال قبل صوم الست فإنه يصومها ولو بقي عليه القضاء، وهذا غلط فإن هذه الستة لا تصام إلا إذا أكمل الإنسان ما عليه من رمضان. * * * 704 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: صيام القضاء مع صيام النافلة بنية واحدة مثل صيام يوم عرفة وقضاء رمضان بنية واحدة؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان المقصود أن تصوم يوم عرفة مع القضاء، أو عاشوراء مع القضاء بمعنى أن تصوم يوم القضاء في يوم عرفة، أو في يوم عاشوراء فلا بأس بذلك ويحصل لك الأجر. * * * 804 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: امرأة نذرت أن تصوم شهر رجب من كل سنة إن شفى الله ولدها من الحادث وعجزت فما الحكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: تُسأل هذه المرأة: لماذا خصت شهر رجب بالنذر؟ إن قالت: لأنني أعتقد أن تخصيص رجب بالصوم عبادة. قلنا لها: هذا نذر مكروه، ولا يجب الوفاء به؛ لأن تخصيص رجب بالصوم مكروه. أما إذا كانت نذرت شهر رجب، لأنه الشهر الموالي لحصول الحادث لا لعينه فإنها تصومه، فإن عجزت عجزاً لا يرجى زواله، فإن النذر الواجب يحذى به حذو الواجب بأصل الشرع، فتطعم عن كل يوم مسكيناً. وهُنا سؤال: لو قال قائل: لله علي نذر أن ألبس هذا الثوب وعيَّنه. فهل يجب عليه أن يوفي به أم لا؟ قلنا: لا يجب أن يوفى به، لأن نذر المباح حكمه حكم اليمين، فإن شاء لبس الثوب ولا شيء عليه، وإن شاء لم يلبسه ووجب عليه أن يكفر كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة. وقد سبق لنا التحذير من النذر. * * * 904 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما رأيكم في الصيام والقيام ما يأتي: أ ـ في اليوم السابع والعشرين من شهر رجب وليلته. ب ـ ليلة يوم عاشوراء. فأجاب فضيلته بقوله: رأينا فيما ذكر: أ ـ في صيام اليوم السابع والعشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة، وكل بدعة ضلالة. ب ـ ليلة عاشوراء تخصيصها بالقيام بدعة. * * * 014 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم صيام يوم الجمعة؟ فأجاب فضيلته بقوله: صوم يوم الجمعة مكروه، لكن ليس على إطلاقه، فصوم يوم الجمعة مكروه لمن قصده وأفرده بالصوم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام". وأما إذا صام الإنسان يوم الجمعة من أجل أنه صادف صوماً كان يعتاده فإنه لا حرج عليه في ذلك، وكذلك إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده فلا حرج عليه في ذلك، ولا كراهة. مثال الأول: إذا كان من عادة الإنسان أن يصوم يوماً ويفطر يوماً فصادف يوم صومه الجمعة فلا بأس، وكذلك لو كان من عادته أن يصوم يوم عرفة فصادف يوم عرفة يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يصوم يوم الجمعة ويقتصر عليه؛ لأنه إنما أفرد هذا اليوم لا من أجل أنه يوم الجمعة، ولكن من أجل أنه يوم عرفة، وكذلك لو صادف هذا اليوم يوم عاشوراء واقتصر عليه، فإنه لا حرج عليه في ذلك، وإن كان الأفضل في يوم عاشوراء أن يصوم يوماً قبله، أو يوماً بعده. ومثال الثاني: أن يصوم مع الجمعة يوم الخميس، أو يوم السبت، أما من صام يوم الجمعة لا من أجل سبب خارج عن كونه يوم جمعة فإننا نقول له: إن كنت تريد أن تصوم السبت فاستمر في صيامك، وإن كنت لا تريد أن تصوم السبت ولم تصم يوم الخميس فأفطر كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، والله الموفق. * * * 114 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا صام الإنسان يوم الجمعة ونوى صيام يوم السبت ثم حصل له مانع من صيامه فما الحكم؟ وكذلك لو صام السبت ونوى صيام الأحد ثم حصل له مانع؟ فأجاب فضيلته بقوله: النهي عن صيام يوم الجمعة للكراهة فقط وليس للتحريم، والنهي إنما هو فيما إذا صامه الإنسان مخصصاً يوم الجمعة، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام" فإذا صام الإنسان يوم الجمعة وحده لأنه يوم جمعة كان ذلك مكروهاً، فنقول له: صم يوم الخميس معه، أو يوم السبت. فلو صام يوم الجمعة على أنه يريد صوم يوم السبت ولكن حصل له مانع فلا إثم عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى". وأما قول السائل: وكذلك يوم السبت. فليس يوم السبت كالجمعة لصحة النهي عن صوم الجمعة وحده دون يوم السبت، فإن الحديث في النهي عن صوم يوم السبت فيه نظر، فإن من العلماء من ضعفه لشذوذه، ومنهم من قال: إنه منسوخ. وعلى كل حال فإن تخصيص يوم السبت بالصوم ليس كتخصيص يوم الجمعة، ولو صام أحد يوم السبت ويوم الأحد فليس فيه إشكال، وإن صام يوم السبت وحده فليس بمنهي عنه كالنهي عن يوم الجمعة، والله أعلم. * * * 214 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: من نذر أن يصوم يوم الجمعة فهل يفي بنذره؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم من نذر أن يصوم يوم الجمعة فليصم يوم الجمعة ويضيف إليه يوم الخميس أو يوم السبت، وبذلك يكون الوفاء بالنذر على وجه لا كراهة فيه. أما إفراد يوم الجمعة بالصوم لخصوصه لا لسبب آخر فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه إلا أن يصوم الإنسان يوماً قبله أو يوماً بعده. * * * 314 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا كان الإنسان يصوم يوماً ويفطر يوماً. ووافق يوم صومه يوم الجمعة فهل يصوم؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز للإنسان إذا كان يصوم يوماً ويفطر يوماً أن يصوم يوم الجمعة مفرداً، أو السبت، أو الأحد، أو غيرها من الأيام ما لم يصادف ذلك أياماً يحرم صومها، فإن صادف أياماً يحرم صومها وجب عليه ترك الصوم، فإذا قدر أن رجلاً كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، فصار فطره يوم الخميس، ويوم صومه يوم الجمعة فلا حرج عليه أن يصوم يوم الجمعة حينئذ، لأنه لم يصم يوم الجمعة لأنه يوم جمعة، ولكنه لأنه صادف اليوم الذي يصوم فيه، أما إذا صادف اليوم الذي يصوم فيه يوماً يحرم صومه فإنه يجب ترك الصوم، كما لو صادف عيد الأضحى، أو أيام التشريق، وكما لو كانت امرأة تصوم يوماً وتفطر يوماً، فأتاها ما يمنع الصوم من حيض، أو نفاس فإنها لا تصوم حينئذ. * * * 414 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما العلة في النهي عن تخصيص الجمعة بصيام؟ وهل هذا خاص بالنفل أم يعم صيام القضاء؟ فأجاب فضيلته بقوله: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام". والحكمة في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام أن يوم الجمعة عيد للأسبوع، فهو أحد الأعياد الشرعية الثلاثة؛ لأن الإسلام فيه أعياد ثلاثة هي: عيد الفطر من رمضان، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة، فمن أجل هذا نهي عن إفراده بالصوم، ولأن يوم الجمعة يوم ينبغي فيه للرجال التقدم إلى صلاة الجمعة، والاشتغال بالدعاء، والذكر فهو شبيه بيوم عرفة الذي لا يشرع للحاج أن يصومه؛ لأنه مشتغل بالدعاء والذكر، ومن المعلوم أنه عند تزاحم العبادات التي يمكن تأجيل بعضها يقدم ما لا يمكن تأجيله على ما يمكن تأجيله. فإذا قال قائل: إن هذا التعليل بكونه عيداً للأسبوع يقتضي أن يكون صومه محرماً كيوم العيدين لا إفراده فقط. قلنا: إنه يختلف عن يوم العيدين؛ لأنه يتكرر في كل شهر أربع مرات، فلهذا لم يكن النهي فيه على التحريم، ثم هناك أيضاً معاني أخرى في العيدين لا توجد في يوم الجمعة. وأما إذا صام يوماً قبله، أو يوماً بعده، فإن الصيام حينئذ يُعلم بأنه ليس الغرض منه تخصيص يوم الجمعة بالصوم؛ لأنه صام يوماً قبله وهو الخميس، أو يوماً بعده وهو يوم السبت. أما قول السائل: هل هذا خاص بالنفل أم يعم القضاء؟ فإن ظاهر الأدلة العموم، وأنه يكره تخصيصه بصوم، سواء كان لفريضة، أو نافلة، اللهم إلا أن يكون الإنسان صاحب عمل لا يفرغ من العمل ولا يتسنى أن يقضي صومه إلا في يوم الجمعة، فحينئذ لا يكره له أن يفرده بالصوم؛ لأنه محتاج إلى ذلك. * * * 514 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما الدليل على أن صوم السبت لابد أن يصام يوم قبله أو يوم بعده؟ فأجاب فضيلته بقوله: الدليل على إنه لا يفرد يوم السبت في صومه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم،فإن لأم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة، أو عود شجرة فليمضغه" أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وهذا الحديث اختلف فيه العلماء، بعضهم قال: إنه شاذ. فيكون ضعيفاً، لأنه يخالف الحديث الثابت في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على إحدى نسائه وهي صائمة في يوم الجمعة فقال لها: "أصمت أمس؟" قالت: لا. قال: "أتصومين غداً؟" قالت: لا. قال: "فأفطري" وفي قوله: "أتصومين غداً؟" دليل على جواز صيام يوم السبت في غير الفريضة، فيكون هذا الحديث شاذًّا، ومن شرط صحة الحديث أن لا يكون معللاً ولا شاذًّا. ومن العلماء من قال: إنه منسوخ. ومنهم من قال: إنه يحمل على صومه منفرداً، وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله. * * * بسم الله الرحمن الرحيم بحث حديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغه". قال أبو داود في السنن: قال مالك: هذا كذب الحديث. وقال أبو داود ـ رحمه الله ـ: هو منسوخ. وقال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: كان يحيى بن سعيد يتقيه وأبى أن يحدثني به. قال الأثرم: وحجة أبي عبدالله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بشر (يشير إلى حديث النهي عن صومه) منها حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ حين سئلت أي الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً لها؟ فقالت: "السبت والأحد" اهـ. وذكر أحاديث أخرى تدل على جوازه إلى أن قال: فهذا الأثرم فهم من كلام أبي عبدالله أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه، وذكر أن الإمام في علل الحديث يحيى بن سعيد كان يتقيه، وأبى أن يحدثه به، فهذا تضعيف للحديث إلى أن قال: وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذًّا غير محفوظ، وإما منسوخاً. قال أبو داود: وأكثر أهل العلم على عدم الكراهة. ما بين القوسين من (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ. وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال: الحال الأولى: أن يكون في فرض كرمضان أداء، أو قضاء وكصيام الكفارة، وبدل هدي التمتع، ونحو ذلك، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقداً أن له مزية. الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: "أصمت أمس؟" قالت:لا، قال: "أتصومين غداً؟" قالت: لا، قال: "فأفطري". فقوله: "أتصومين غداً؟" يدل على جواز صومه مع الجمعة. الحال الثالثة: أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان، وتسع ذي الحجة فلا بأس، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها. الحال الرابعة: أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوماً ويفطر يوماً فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صيام يوم، أو يومين نهى عنه قبل رمضان إلا من كان له عادة أن يصوم فلا نهي وهذا مثله. الحال الخامسة: أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه. كتبه محمد الصالح العثيمين في 71/1/8141هـ. 614 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكم صوم يوم الشك؟ فأجاب فضيلته بقوله: صيام يوم الشك أقرب الأقوال فيه أنه حرام، لقول عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم" ولأن الصائم في يوم الشك متعدٍّ لحدود الله عز وجل، لأن حدود الله أن لا يصام رمضان إلا برؤية هلاله، أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه". ثم إن الإنسان الذي تحت ولاية مسلمة يتبع ولايته، إذا ثبت عند ولي الأمر دخول الشهر فليصمه تبعاً للمسلمين، وإذا لم يثبت فلا يصمه. وقد سبق لنا ما إذا رأى الإنسان وحده هلال رمضان هل يصوم أو لا يصوم؟ * * * 714 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما صوم الوصال؟ وهل هو سنة؟ فأجاب فضيلته بقوله: صوم الوصال أن لا يفطر الإنسان في يومين، فيواصل الصيام يومين متتالين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقال: "من أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر" والمواصلة للسحر من باب الجائز، وليست من باب المشروع، والرسول صلى الله عليه وسلم حث على تعجيل الفطر، وقال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" لكنه أباح لهم أن يواصلوا إلى السحر فقط، فلما قالوا: يا رسول الله إنك تواصل فقال: "إني لست كهيئتكم". * * * 814 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز صيام أيام التشريق؟ فأجاب فضيلته بقوله: أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي بعد عيد الأضحى، وسميت بأيام التشريق، لأن الناس يشرقون فيها للحم ـ أي ينشرونه في الشمس، لييبس حتى لا يتعفن إذا ادخروه ـ وهذه الأيام الثلاثة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل فإذا كانت كذلك، أي كان موضوعها الشرعي الأكل والشرب والذكر لله، فإنها لا تكون وقتاً للصيام، ولهذا قال ابن عمر وعائشة ـ رضي الله عنهما ـ: (لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي) يعني للمتمتع والقارن فإنهما يصومان ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعا إلى أهلهما، فيجوز للقارن والمتمتع إذا لم يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما. وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده، ثم يواصل صومه. * * * 914 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: سبق أن صمت في السنوات الماضية لقضاء دين علي فأفطرت متعمدة وبعد ذلك قضيت ذلك الصيام بيوم واحد، ولا أدري هل سيُقضى بيوم واحد كما فعلت؟ أم بصيام شهرين متتابعين؟ وهل تلزمني الكفارة؟ أرجو الإفادة. فأجاب فضيلته بقوله: إذا شرع الإنسان في صوم واجب كقضاء رمضان، وكفارة اليمين، وكفارة فدية الحلق في الحج إذا حلق المحرم قبل أن يحل، وما أشبه ذلك من الصيام الواجب، فإنه لا يجوز له أن يقطعه إلا لعذر شرعي، وهكذا كل من شرع في شيء واجب فإنه يلزمه إتمامه، ولا يحل له قطعه إلا بعذر شرعي يبيح قطعه، وهذه المرأة التي شرعت في القضاء ثم أفطرت في يوم من الأيام بلا عذر، وقضت ذلك اليوم، ليس عليها شيء بعد ذلك، لأن القضاء إنما يكون يوماً بيوم، ولكن عليها أن تتوب وتستغفر الله عز وجل لما وقع منها من قطع الصوم الواجب بلا عذر. 024 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: أخبرتي إحدى زميلاتي أنها كانت صائمة قضاء، وقد فوجئت بضيوف في منزلها، ومن باب المجاملة أرادت أن تفطر لتجاملهم بالأكل والشرب، فسألتني عن ذلك فأجبتها أن ذلك جائز. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي إلى إحدى زوجاته وهو صائم. فيسألها إن كان عندها طعام أفطر وأكل معها، وإلا واصل صيامه، فهل هذا صحيح؟ وهل يجوز للصائم قضاءً إذا حصل ما يجعله يفطر أن يفطر أم لا؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا القضاء إذا كان قضاءً عن واجب كقضاء رمضان، فإنه لا يجوز لأحد أن يفطر إلا لضرورة، وأما فطره لنزول الضيف به فإنه حرام؛ ولا يجوز؛ لأن القاعدة الشرعية: "أن كل من شرع في واجب فإنه يجب عليه إتمامه إلا لعذر شرعي". وأما إذا كان قضاء نفل فإنه لا يلزمها أن تتمه؛ لأنه ليس بواجب. فعلى هذا إذا كان الإنسان صائماً صيام نفل وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقال: "هل عندكم شيء؟" فقالت: أهدي لنا حيس فقال: "فأرينيه فلقد أصبحت صائماً". فأكل منه صلى الله عليه وسلم، وهذا في النفل، وليس في الفرض. وأنصح الأخت السائلة أن لا تفتي بشيء إلا وهي تعلمه؛ لأن الإفتاء معناه القول على الله سبحانه وتعالى، والقول على الله بغير علم محرم، كما قال الله سبحانه وتعالى: * * * 124 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: أحياناً أصوم الإثنين والخميس وأعقد النية على الصيام في الليل، وفي الصباح أذهب إلى عملي ولكن في بعض الأيام أشعر بالتعب والنعاس مما يضطرني إلى الإفطار فهل لي ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: نقول لمن كان له عمل رسمي: إن كان صومه يخل بالعمل فإن صومه حرام، سواء الإثنين، أو الخميس، أو الأيام البيض، لأن القيام بعمل الوظيفة واجب، وصوم التطوع ليس بواجب، ولا يمكن أن يضيع الإنسان الواجب من أجل فعل المستحب، وهذه يخطىء فيها كثير من الناس يتهاونون في أداء الواجب، ويفعلون السنة، فهم كالذين يبنون قصراً ويهدمون مصراً، وهذا غلط. أما إذا كان الإنسان عنده قوة على تحمل العطش والجوع، أو كان في فصل الشتاء نهار قصير وجو بارد ولا يؤثر على عمله فليصم. وجواب السؤال نقول له: أفطر وجوباً ،وقم بالعمل الواجب. * * * رسالة بسم الله الرحمن الرحيم من الولد.. إلى الوالد فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أمتعني الله بحياتك، قول عائشة ـ رضي الله عنها ـ: كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه. الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم نفلاً هل كانت تصوم معه؟ والفقهاء ـ رحمهم الله ـ لا يجوزون التطوع قبل الفرض أو لا تصوم النفل، أفتني أثابك الله الجنة بمنه وكرمه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته لما كان الصائم نفلاً لا يلزمه الإتمام فإنها تخشى أن يطلبها النبي صلى الله عليه وسلم في حال صيامه، هذا ما يظهر لي في هذه المسألة، والعلم عند الله. أما أنها تصوم النفل قبل الفرض فهذا بعيد، لأنها أفقه من أن تؤخر الواجب وتقوم بالنفل. قاله كاتبه محمد الصالح العثيمين في 51/4/6041هـ. 224 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان؟ وهل تتنقل؟ فأجاب فضيلته بقوله: نعم. ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، والصحيح أنها تتنقل، كما قال ذلك ابن حجر ـ رحمه الله ـ في فتح الباري، وكما دلت عليه السنة أيضاً، فقد تكون في الواحد والعشرين، وفي الثالث والعشرين، وفي السابع والعشرين، وفي الخامس والعشرين، وفي التاسع والعشرين، وفي الثامن والعشرين، وفي السادس والعشرين، وفي الرابع والعشرين، وفي الثاني والعشرين كل هذا ممكن أن تكون فيه ليلة القدر، والإنسان مأمور بأن يحرص فيها على القيام، سواء مع الجماعة إن كان في بلد تقام فيه الجماعة، فهو مع الجماعة أفضل، وإلا إذا كان في البادية في البر فإنه يصلي ولو كان وحده، واعلم أيضاً أنه من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً نال أجرها، سواء علم بها أو لم يعلم، حتى لو فرض أن الإنسان ما عرف أماراتها، أو لم ينبه لها بنوم أو غيره، ولكنه قامها إيماناً واحتساباً فإن الله تعالى يعطيه ما رتب على ذلك، وهو أن الله تعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه ولو كان وحده. * * * 324 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: كثير من الناس يعتقد أن ليلة السابع والعشرين من رمضان هي ليلة القدر فيحيونها بالصلاة والعبادة ولا يحيون غيرها في رمضان فهل هذا موافق للصواب؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا ليس بموافق للصواب، فإن ليلة القدر تتنقل قد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون في غير تلك الليلة كما تدل عليه الأحاديث الكثيرة في ذلك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذات عام أري ليلة القدر فكان ذلك ليلة إحدى وعشرين، وثبت عنه أنه قال: "التمسوها في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى" ثم إن القيام لا ينبغي أن يخصه الإنسان في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر فقط، بل يجتهد في العشر الأواخر كلها، فذلك هديه صلى الله عليه وسلم فقد كان إذا دخل العشر شد المئزر، وأيقظ أهله، وأحيا الليل عليه الصلاة والسلام، فالذي ينبغي للمؤمن الحازم أن يجتهد في ليالي هذه الأيام العشر كلها حتى لا يفوته الأجر. * * * 424 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: للعشر الأواخر فضل عظيم ومنزلة كبيرة، فنرجو بيان الفضل في هذه العشر الأواخر؟ فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد، فهذه العشر الأواخر من رمضان هي أفضل شهر رمضان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بالاعتكاف طلباً لليلة القدر، ويكون فيها ليلة القدر التي قال عنها الله تعالى: * * * 524 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما رأي الشرع في نظركم فيمن قال بتفضيل ليلة الإسراء على ليلة القدر؟ فأجاب فضيلته بقوله: الذي نرى في هذه المسألة أن ليلة القدر أفضل من ليلة الإسراء بالنسبة للأمة، أما بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم فتكون ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج في حقه أفضل، لأنها خاصة به، ونال فيها من الفضائل ما لم ينله في غيرها، فلا نفضل ليلة القدر مطلقاً، ولا نفضل ليلة الإسراء التي هي ليلة المعراج مطلقاً، وكأن السائل يريد أن يشير إلى ما يفعله بعض الناس ليلة السابع والعشرين من رجب من الاحتفال بهذه الليلة، يظنون أنها ليلة الإسراء والمعراج، والواقع أن ذلك لم يثبت من الناحية التاريخية، فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به في تلك الليلة، بل إن الذي يظهر أن المعراج كان في ربيع الأول، ثم على فرض أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب، فإن ذلك لا يقتضي أن يكون لتلك الليلة احتفال واختصاص بشيء من الطاعة، وعلى هذا فالاحتفال بليلة سبع وعشرين من رجب لا أصل له من الناحية التاريخية ولا الشرعية، فإذا لم يكن كذلك كان من العبث ومن البدعة أن يحتفل بتلك الليلة. * * * 624 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز تخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة أفتونا مأجورين؟ فأجاب فضيلته بقوله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عمرة في رمضان تعدل حجة" وهذا يشمل أول رمضان وآخر رمضان. أما تخصيص ليلة سبع وعشرين من رمضان بعمرة فهذا من البدع، لأن من شرط المتابعة أن تكون العبادة موافقة للشريعة في أمور ستة: 1 ـ السبب. 2 ـ الجنس. 3 ـ القدر. 4 ـ الكيفية. 5 ـ الزمان. 6 ـ المكان. وهؤلاء الذين يجعلون ليلة سبع وعشرين وقتاً للعمرة خالفوا المتابعة بالسبب، لأن هؤلاء يجعلون ليلة سبع وعشرين سبباً لمشروعية العمرة، وهذا خطأ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحث أمته على الاعتمار في هذه الليلة، والصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وهم أحرص على الخير منا لم يحثوا على الاعتمار في هذه الليلة، ولم يحرصوا على أن تكون عمرتهم في هذه الليلة، والمشروع في ليلة القدر هو القيام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". فإن قال قائل: إذا كان الرجل قادماً من بلده في هذه الليلة وهو لم يقصد تخصيص هذه الليلة بالعمرة، وإنما صادف أنه قدم من البلد في هذه الليلة واعتمر هل يدخل فيما قلنا أم لا؟ فالجواب: أنه لا يدخل؛ لأن هذا الرجل لم يقصد تخصيص هذه الليلة بعمرة. * * *
|